مسرحية ذات فصل واحد
الشخوص : الاب , الام , زوجة الابن , الابن 0
المنظر : في العمق البعيـــــد , نافذتـــان يتوسطان بابا" من الخشب يؤدي الى الخارج . غرفاتــان
متقابلتان . وعاء يحفظ الماء بالقرب من الغرفة , تقابله أريكة قديمة مفروشة بحصيرة من
جريد النخيل , المكان يوحي بالفقر المدقع , الآم واقفة قرب النافذة تتطلع نحــــــو الطريق ,
صوت منبه الإسعاف , أصوات أطلاقات نارية تسمع من بعيد دوي انفجارات , رياح قوية
’ صراخ نسوة 0
الأب : ( وسط المسرح ) في القلاع الوهمية , يتهشم الحجـــــــــــــــر الأصم , ينضح دمـا , في الطرقات الوهمية , ينام الموت في أحضان طفلة , تلعب هناك , وكركات نشوى , تتحول إلى أوجاع وانين , غبار الرؤوس المقطوعة , تمطرها السماء , اللصوص القتلة ثملــــــــــوا بمسروقاتهم ( بخوف وشرود ) وآذنت الريح , أن كل شيء مباح ( تلتفت إليه زوجته (
آلام : ( بحنان مفرط ) ألا يكفي ؟ لقد تكلمت كثيرا 0
الأب : أنني لا املك شيئا قط , سوى الكلام 00 أخشى النوبة القلبية ان تمنع عني الكلام 00 أو تحرمني رؤيا ولدي الوحيد الذي هاجر منذ عهد بعيد خشية إرهاب الأوغاد 00 ( يدور كالتائه ) اشعر بانفجار في رأسي , وجسدي يكاد يطير في الهواء , لم امتلك القدرة على التفكير السوي , مازالت وساوس الاضطهاد والرعب تسورني , تقبض علًي بمخالب من نار وحديد , وصراخ مجنون في صدري 00 انني اغرق في وحل الأوجاع التي لا أعرف مكانها في جسدي الخاوي 00 انني ارتجف من الغد الآتي 00 الغد المرسوم هناك يدور في مخيلتي 0
آلام : ( تقترب منه ) هدئ من روعك ولا تخف , هرب الأشرار , اجل هرب الأشرار 0
الاب : هرب الاشرار , لكن الشر ارتدى ثوبا جديدا لا فرق بين أولئك الهاربين وبين القادمين . الجميع تتحدث بلغة الكذب , انهم متواصون بسحق الرؤوس المضيئة 0
الام : حبيبي 00 رحلت الأيام المحسوبة علينا , بالقهر والجوع والخوف 00 لنبدأ بيوم جديد 0
الاب : يا حبيبتي إنا لا أثق بالغد 00 هذا ماعلمني إياه الأمس 00 المهزومون وقت الفجر , قتلوا الشمس قبل البزوغ , وعم الظلام حتى في العيون 0
آلام : انك تخيفني ( تهرع نحو النافذة )
الاب : اتركي النافذة 00 لم يجدوا ما يخيفهم بعد مني 0
الام : ( تصر على البقاء قرب النافذة) على مدى ثلاثين عاما , وانا أقف هنا , أرنو إلى الطريق , تحسبا من مجيئهم غفلة , أما الآن 00 دعني أتمتع بطقوس الرصد , دعني احلم بالخوف عليك منهم 0
الاب : ( يقترب منها يشد على يدها بقوة ) ياحبيبتي ان الاشرار لم يتركوا لنا شيئا سوى الخوف منهم ) يقبل يدها ) انني اعتذر اليك , مما اصابك من هلع وخوف لاجلي 0
الام : أتحبني ؟
الاب : ( وكأنه يرجع الى ريعان الشباب ( أم 00 أذوب فيك ( تدخل زوجة الابن من الباب الخارجي (
الزوجة : عمتي , عمي 00 اين زوجي ؟
الاثنان : ( باندهاش وغرابة ) ابني 00 لم يأتي بعد ؟
الزوجة ) : مسرورة ) احد رفاقه , قال لابي 00 زوج ابنتك عاد من المهجر , واعتقد انــــــه الان في بيتهم 0
الام : ابني العزيز ( تبكي من الفرح ) أريد ان أراه 00 انني أتحرق شوقا إليه 0
الاب : ( يهم للخروج ) سأخرج للبحث عنه 0
الزوجة ): تعترضه بخوف ) لا تخرج يا عمي 000 ان الموت يجول في الطرقات ( تتركه ينظر نحوها ببرود وتعجب ) واللصوص والمخربين , سرقوا المدينة واحرقوها 000 وأنا قادمة إليكم 00 شاهدت مشاهد مريعة 00 أطفال مقطعوا الأوصال ونساء محترقات 00 ورؤوس بشرية تملاء الطرقات 00 كأن هولاكو عاد من جديد 0
الاب : من الذي فعل ذلك ؟
الزوجة : أحبتنا 00 أبناء المدينة 00 لقد خربوا مدينتهم بايديهم 0
الأب : ولم فعلوا ذلك ؟ من اجل من ؟ ان المدينة جريحة من غضب الأعداء 00 كيف فعلوا ذلك 000 الى الجمهور ) اين ذهب التعليم 00 في أي منحدر كان يقرأ الأدباء والكتاب 00 في أي وادي كانت تنشد الأصول الدينية طقوسها 00 ولمن ؟ الم تمنع ؟ الم تحد ؟ نار الهمجية التي أحرقت كل شيء 00 نحن 00 نحن نخاف ولا نستحي حتى من انفسنا
00 )يبكـي بمرارة ثم يمسك صدره بصعوبة بالغة ) لا أستطيع الوقوف بعد 00 ) يأخذانه الى الأريكة ) هل انا في واحة من الأوهام ؟
الابن : ( وهو داخل ) بل في قمة الحقيقة يا أبي ( تهرع امه وزوجته اليه , ابيه ينظر اليه بصمت ) 0
الام : ابني وحيد قلبي 0
الزوجة : زوجي الحبيب 0 ( يقبلانه بحرارة )
الام : أحقيقة ما تراه عيوني 00 أم انني احلم ؟
الزوجة : أي حلم يا عمتي 00 انها الحقيقة 00 عاد زوجي من الغربة 00 لقد عشت الذل بغيابك 0
الابن: ) يقاطعها ) ليس وقته 00( يتركهما 0 يذهب نحو ابيه , يجلس بين ركبتيه ثم يقبل يده(ابتي كم انا مشتاق اليك 00 كم ملهوف الى رؤياك ( الاب يبكي بصمت ) ابتي 00 يبدو عليك التعب والإرهاق 0
الاب : انني لا استطيع ان اصف ما يجول بخاطري بشكل دقيق , بانوراما من الفرح والحزن 00 تطوف في صدري ( يحضن ابنه ) كل عام وانت بخير 00 انتهى الطاغوت المتجبر 0
الابن : ( يقبل وجه ابيه ) وانت بخير لازالة ذلك الكابوس المرعب الذي كان جاثما على صدورنا( يقف جانبا بالقرب من ابيه ) 0
الام : كنا في مطحنة لاترحم 0
الزوجة : والفراق واللوعة التي هدمت اسرتي 0
الابن : سنبنيها من جديد ( يقترب من زوجته ) ساحقق لك ماتحلمين به يازوجتي الوفية 00 سيكون لــي شأن كبير 0
الاب : ليس مهما ماتكون 00 المهم انك عدت سالما 0
الام : وظافرا ( تضحك (
الزوجة : اخبرني 00 واملآء جفوني بالفرح 00 ماذا ستكون ؟
الابن : من المؤكد في الوزارة الجديدة 0
الزوجة تصفق مسرورة ) وزير 00 انا 00 انا 00 زوجة 00 وزير 00 أي هناء ينتظرني ؟
الابن : ولم لا 00 نحن الذين صنعنا هذا النصر الكبير 00 ( يغير طريقة كلامه , بمغالات واضحة ) سنتوجه بالبناء والأعمار , سنبني مدنا جميلة , قصورا فخمة 00 مراقص , فنادق ومتنزهات سننقل بهم مجتمعنا من حالة البؤس والحرمان الى حالة الرفاه 0 ) الزوجة تعيش في احلامهـــا الام تنظر اليه يصمت الأب يلتقي سهام المرارة) 0
الاب : (بشرود) لمن تقوموا ، بهذه الاعمال ؟ لمن ؟
الابن : بالتأكيد للشعب .
الاب : وهل تعتقد يوجد شعب ؟
الابن : الشعوب لاتموت لاتموت يا والدي0
الاب : نحن نصف أموات ونصف إحياء ، هل فكرتم 00 أو وضعتم في برنامجكم النصف الميت فينا 0 هل فكرتم في الإنسان ؟
الابن : الإنسان هو جزء من من الشعب 0 والشعب هو غايتنا 00 أرجو ان لا تعيش باسوء الاحتمالات افتح قلبك للحظة القادمة 0 وسترى ( ينهض الأب إليه بقوة ) 0
الاب : انكم في غمار فرحة عارمة 00 فتحت اليكم ابواب الاحلام الوردية ولكن عليكم ان تعلموا نحن هنا 00 بقايا اناس هدمتها الانظمة المغولية 0 فكروا بنا . نحن بأمس الحاجة لمن يفكر بنا نحن مهدمون من الداخل 00 مهشمون , نحن بقايا بشرية 00 لاتفكروا ببناء القصــور والكراسي الذهبية والفنادق , والمراقص . ماذا سيكون شكل الإنسان المتهدم وهو يجلس في قصر فخـم , قل لرفاقك الطيبين 00 ان يخلعوا ( لصقة جونسن ) عن ظهورهم قبل الجلوس على الكراسي المذهبة 0تلك هي اول لبنة في بناء الانسان المتهدم 0
(الام تعيش لحظات الذهول والزوجة تنظر الى زوجها وفي عينيها احلاما من الصعب تفسيرها ) 0
الابن : ابتي لا تتعجل بالحكم القاسي علينا 00 نحن نكره الاستبداد والتسلط والظلم , لكثرة ماعانينا منه نحن غرفنا من معين ( توماس بين 1 ) وعشنا في مدن ( جون دوي 2 ) هكذا عدنا 0
الاب : الأيام المغولية علمتنا ان لا نثق باحد كائنا من كان 0
الابن : اعطونا الفرصة 00 وسترون مانعمل 0
الاب : لقد فعلتم الكثير 00 انكم جئتكم بالحرية محمولة على صهوة ( الصواريخ الذكية ) والديمقراطية هبطت علينا من طائرات ( الاباتـشي ) وضاع الكبرياء وتمزقت الكرامة في الوحل 00 الفرحـة الكبرى أنستكم كل شيء 00 معلوما00 ( من يرى الموت يرضى بالسخونه ) 0
الابن : ابتي , نحن , ( يقاطعه الأب (
الاب : انتهى 00 انتهى عصر الكابوس وبدأ عصر البعبع 0
الابن : لااستطيع ايصال أي شيء اليك وانت تعيش في دوامة القلق 0 انتهى زمن الخوف 00 انتهى 0
الاب : ( يبتعد عنه) هذا ما تراه انت 00 ولكن ماراه انا 00ازداد نبض القلب وارتجفت الاعضاء وخيم الخوف علًي , استعمر مشاعري واحاسيسي ( بحشرجة حزن ) ياولدي انا مستعمر 00 مستعمر
الابن : ( يرفع رأسه ) ابتاه اني لعاجز الان عن اقناعك 00 لدي مشاغل جمة واهمها 00 هو ان ننتقـــل الى المكان الجديد 00 قصر فخم 00 هلموا لنذهب الى هناك 0
الاب : اذهب انت وزوجك 00 اما انا وزوجتي سنبقى هنا 0
الابن : ارجوك 00 اتوسل اليك 00 كفاك معارضة 0
الاب : ( يقاطعه) اعتنقت دين المعارضة ولن أحيد عن ديني 00 قل لذوي الصنم ان يخرجوا من بلادي ولهم الف وردة حمراء 00 وان لم يخرجوا ستهدر الأرواح وتستباح الدماء 0
الابن : هذ كلام خطير على مستقبلي 00 ستحطمني 0
الأب : اخرج من بيتي 0
الابن : وأنت لايمكن آن تبقى هنا 00 أنني أخاف 00 أخاف عليك 0
الأب : أنا لا أستطيع الخروج 00 لأنني استحي 000 لأنني اخجل من نفسي 00 مــــاذا أقول للشوارع المعفرة بالدماء ؟ 00 ماذا أقول للشجر الراكع ؟ ماذا أقول للنهر العظيم ؟ الذي يرنوا نحوي بذل هذا كثير , هذا كثير علًي 00 لم اتحمل , لم اتحمل , 00 دعني وشأني 0
الام : ( تقترب من زوجها ) انني اتضامن معه 00 سأبقى هنا احرسه من الجلادين 0
الابن : ( بتوتر . الى زوجته ) هيا معي ) يلتفت الى ابيه ) ولكن سأتي في الغد وسيكون لنا حديث اخر , ( باي ) ( يخرجان (
الاب : وداعا 000 وداعا ايها الوطن الذبيح 0
الام : ( بكراهية غير معهودة ) أرأيت اللئيمة ؟ 00 كيف خرجت معه . وتركتنا ؟0
الاب : او لم تكن زوجته يا زوجتي الرائعة ؟
الام : انها اسعد حظا مني 000 ستعيش في قصر فخم 0
الاب : دعي عنك الحسد والامورالنسائية جانبا 00 ارجوك لا تشغليني بها 0
الام : طيب 000 أريد أن أن أتحدث معك بصراحة 000 لم تكنً البغض لرجال السياسة ؟
الاب : لانهم على مر العصور 000 يلعبون لعبا قذرة والشعوب دائما هي التي تدفع الثمن 0
الام : في كل العالم ؟
الاب : ( يقاطعها بتوتر عارم ) عن أي عالم تتحدثين انني لا احترم العالم الذي يمنحني الحريــــة وبسلب مني الكبرياء 00 ليذهب العالم الى الظلام ( يشعر بوهن ثم يمسك صدره بشدة ) أخاديد قلبي ( يحني قامته من الألم ويتكلم بصعوبة بالغة ) المملوءة بغبار الفرح العاصف 00 ( يأخــــذ النفس بصعوبة ) يتحول الى ملح أجاج ( يخطو بعض خطوات ثقيلة وبطيئة ) يشعـــــل الجراح بالألم 00 الألم 00 الألم ( يسحب الهواء بقوة ) انني 00 اشعر با 00 بالاختناق 00اريد 00 اريد هـ00 هـ 00 واء 00 ( يفقد التوازن والسيطرة على جسده( اشعر با 00 الظمــــــــأ 00 ( يجحظ عينيه ) اريد 00 (ويهمس ) إماء 000 ( يجمع قواه ثم يطلق صوته ) اريد ماء 0
الزوجة : ( تنتبه الى حالته) , تجفل ممـا أصابه 00 سأجلب الماء حالا ( تذهب نحو الوعاء وثم تدخل الى الغرفة ) 0
الأب : ) أثـناء دخولها الى الغرفة , يعاني من أزمة قلبية حادة , يرتمي على الأريكة يشعر بالاختناق تخرج وبيدها الطاسه ، تملاءها من الوعاء , ينهض إلى الأعلى ثم ينكب على وجهه بلا حراك تقترب منه , تقف مذعورة , مذهولة , ثم تجلس بالقرب من وسطه بتوجس وخوف , تقلب جسده و تنهض وهي مزورة العينين , متشنجة الوجه , تصرخ) لاأبكي 00 لانك لن تموت أبدًا 000 ( تسقط الطاسة من يدها يندلق الماء على الأرض(
اظـــــــــــــلام
انتهــــــت
الشخوص : الاب , الام , زوجة الابن , الابن 0
المنظر : في العمق البعيـــــد , نافذتـــان يتوسطان بابا" من الخشب يؤدي الى الخارج . غرفاتــان
متقابلتان . وعاء يحفظ الماء بالقرب من الغرفة , تقابله أريكة قديمة مفروشة بحصيرة من
جريد النخيل , المكان يوحي بالفقر المدقع , الآم واقفة قرب النافذة تتطلع نحــــــو الطريق ,
صوت منبه الإسعاف , أصوات أطلاقات نارية تسمع من بعيد دوي انفجارات , رياح قوية
’ صراخ نسوة 0
الأب : ( وسط المسرح ) في القلاع الوهمية , يتهشم الحجـــــــــــــــر الأصم , ينضح دمـا , في الطرقات الوهمية , ينام الموت في أحضان طفلة , تلعب هناك , وكركات نشوى , تتحول إلى أوجاع وانين , غبار الرؤوس المقطوعة , تمطرها السماء , اللصوص القتلة ثملــــــــــوا بمسروقاتهم ( بخوف وشرود ) وآذنت الريح , أن كل شيء مباح ( تلتفت إليه زوجته (
آلام : ( بحنان مفرط ) ألا يكفي ؟ لقد تكلمت كثيرا 0
الأب : أنني لا املك شيئا قط , سوى الكلام 00 أخشى النوبة القلبية ان تمنع عني الكلام 00 أو تحرمني رؤيا ولدي الوحيد الذي هاجر منذ عهد بعيد خشية إرهاب الأوغاد 00 ( يدور كالتائه ) اشعر بانفجار في رأسي , وجسدي يكاد يطير في الهواء , لم امتلك القدرة على التفكير السوي , مازالت وساوس الاضطهاد والرعب تسورني , تقبض علًي بمخالب من نار وحديد , وصراخ مجنون في صدري 00 انني اغرق في وحل الأوجاع التي لا أعرف مكانها في جسدي الخاوي 00 انني ارتجف من الغد الآتي 00 الغد المرسوم هناك يدور في مخيلتي 0
آلام : ( تقترب منه ) هدئ من روعك ولا تخف , هرب الأشرار , اجل هرب الأشرار 0
الاب : هرب الاشرار , لكن الشر ارتدى ثوبا جديدا لا فرق بين أولئك الهاربين وبين القادمين . الجميع تتحدث بلغة الكذب , انهم متواصون بسحق الرؤوس المضيئة 0
الام : حبيبي 00 رحلت الأيام المحسوبة علينا , بالقهر والجوع والخوف 00 لنبدأ بيوم جديد 0
الاب : يا حبيبتي إنا لا أثق بالغد 00 هذا ماعلمني إياه الأمس 00 المهزومون وقت الفجر , قتلوا الشمس قبل البزوغ , وعم الظلام حتى في العيون 0
آلام : انك تخيفني ( تهرع نحو النافذة )
الاب : اتركي النافذة 00 لم يجدوا ما يخيفهم بعد مني 0
الام : ( تصر على البقاء قرب النافذة) على مدى ثلاثين عاما , وانا أقف هنا , أرنو إلى الطريق , تحسبا من مجيئهم غفلة , أما الآن 00 دعني أتمتع بطقوس الرصد , دعني احلم بالخوف عليك منهم 0
الاب : ( يقترب منها يشد على يدها بقوة ) ياحبيبتي ان الاشرار لم يتركوا لنا شيئا سوى الخوف منهم ) يقبل يدها ) انني اعتذر اليك , مما اصابك من هلع وخوف لاجلي 0
الام : أتحبني ؟
الاب : ( وكأنه يرجع الى ريعان الشباب ( أم 00 أذوب فيك ( تدخل زوجة الابن من الباب الخارجي (
الزوجة : عمتي , عمي 00 اين زوجي ؟
الاثنان : ( باندهاش وغرابة ) ابني 00 لم يأتي بعد ؟
الزوجة ) : مسرورة ) احد رفاقه , قال لابي 00 زوج ابنتك عاد من المهجر , واعتقد انــــــه الان في بيتهم 0
الام : ابني العزيز ( تبكي من الفرح ) أريد ان أراه 00 انني أتحرق شوقا إليه 0
الاب : ( يهم للخروج ) سأخرج للبحث عنه 0
الزوجة ): تعترضه بخوف ) لا تخرج يا عمي 000 ان الموت يجول في الطرقات ( تتركه ينظر نحوها ببرود وتعجب ) واللصوص والمخربين , سرقوا المدينة واحرقوها 000 وأنا قادمة إليكم 00 شاهدت مشاهد مريعة 00 أطفال مقطعوا الأوصال ونساء محترقات 00 ورؤوس بشرية تملاء الطرقات 00 كأن هولاكو عاد من جديد 0
الاب : من الذي فعل ذلك ؟
الزوجة : أحبتنا 00 أبناء المدينة 00 لقد خربوا مدينتهم بايديهم 0
الأب : ولم فعلوا ذلك ؟ من اجل من ؟ ان المدينة جريحة من غضب الأعداء 00 كيف فعلوا ذلك 000 الى الجمهور ) اين ذهب التعليم 00 في أي منحدر كان يقرأ الأدباء والكتاب 00 في أي وادي كانت تنشد الأصول الدينية طقوسها 00 ولمن ؟ الم تمنع ؟ الم تحد ؟ نار الهمجية التي أحرقت كل شيء 00 نحن 00 نحن نخاف ولا نستحي حتى من انفسنا
00 )يبكـي بمرارة ثم يمسك صدره بصعوبة بالغة ) لا أستطيع الوقوف بعد 00 ) يأخذانه الى الأريكة ) هل انا في واحة من الأوهام ؟
الابن : ( وهو داخل ) بل في قمة الحقيقة يا أبي ( تهرع امه وزوجته اليه , ابيه ينظر اليه بصمت ) 0
الام : ابني وحيد قلبي 0
الزوجة : زوجي الحبيب 0 ( يقبلانه بحرارة )
الام : أحقيقة ما تراه عيوني 00 أم انني احلم ؟
الزوجة : أي حلم يا عمتي 00 انها الحقيقة 00 عاد زوجي من الغربة 00 لقد عشت الذل بغيابك 0
الابن: ) يقاطعها ) ليس وقته 00( يتركهما 0 يذهب نحو ابيه , يجلس بين ركبتيه ثم يقبل يده(ابتي كم انا مشتاق اليك 00 كم ملهوف الى رؤياك ( الاب يبكي بصمت ) ابتي 00 يبدو عليك التعب والإرهاق 0
الاب : انني لا استطيع ان اصف ما يجول بخاطري بشكل دقيق , بانوراما من الفرح والحزن 00 تطوف في صدري ( يحضن ابنه ) كل عام وانت بخير 00 انتهى الطاغوت المتجبر 0
الابن : ( يقبل وجه ابيه ) وانت بخير لازالة ذلك الكابوس المرعب الذي كان جاثما على صدورنا( يقف جانبا بالقرب من ابيه ) 0
الام : كنا في مطحنة لاترحم 0
الزوجة : والفراق واللوعة التي هدمت اسرتي 0
الابن : سنبنيها من جديد ( يقترب من زوجته ) ساحقق لك ماتحلمين به يازوجتي الوفية 00 سيكون لــي شأن كبير 0
الاب : ليس مهما ماتكون 00 المهم انك عدت سالما 0
الام : وظافرا ( تضحك (
الزوجة : اخبرني 00 واملآء جفوني بالفرح 00 ماذا ستكون ؟
الابن : من المؤكد في الوزارة الجديدة 0
الزوجة تصفق مسرورة ) وزير 00 انا 00 انا 00 زوجة 00 وزير 00 أي هناء ينتظرني ؟
الابن : ولم لا 00 نحن الذين صنعنا هذا النصر الكبير 00 ( يغير طريقة كلامه , بمغالات واضحة ) سنتوجه بالبناء والأعمار , سنبني مدنا جميلة , قصورا فخمة 00 مراقص , فنادق ومتنزهات سننقل بهم مجتمعنا من حالة البؤس والحرمان الى حالة الرفاه 0 ) الزوجة تعيش في احلامهـــا الام تنظر اليه يصمت الأب يلتقي سهام المرارة) 0
الاب : (بشرود) لمن تقوموا ، بهذه الاعمال ؟ لمن ؟
الابن : بالتأكيد للشعب .
الاب : وهل تعتقد يوجد شعب ؟
الابن : الشعوب لاتموت لاتموت يا والدي0
الاب : نحن نصف أموات ونصف إحياء ، هل فكرتم 00 أو وضعتم في برنامجكم النصف الميت فينا 0 هل فكرتم في الإنسان ؟
الابن : الإنسان هو جزء من من الشعب 0 والشعب هو غايتنا 00 أرجو ان لا تعيش باسوء الاحتمالات افتح قلبك للحظة القادمة 0 وسترى ( ينهض الأب إليه بقوة ) 0
الاب : انكم في غمار فرحة عارمة 00 فتحت اليكم ابواب الاحلام الوردية ولكن عليكم ان تعلموا نحن هنا 00 بقايا اناس هدمتها الانظمة المغولية 0 فكروا بنا . نحن بأمس الحاجة لمن يفكر بنا نحن مهدمون من الداخل 00 مهشمون , نحن بقايا بشرية 00 لاتفكروا ببناء القصــور والكراسي الذهبية والفنادق , والمراقص . ماذا سيكون شكل الإنسان المتهدم وهو يجلس في قصر فخـم , قل لرفاقك الطيبين 00 ان يخلعوا ( لصقة جونسن ) عن ظهورهم قبل الجلوس على الكراسي المذهبة 0تلك هي اول لبنة في بناء الانسان المتهدم 0
(الام تعيش لحظات الذهول والزوجة تنظر الى زوجها وفي عينيها احلاما من الصعب تفسيرها ) 0
الابن : ابتي لا تتعجل بالحكم القاسي علينا 00 نحن نكره الاستبداد والتسلط والظلم , لكثرة ماعانينا منه نحن غرفنا من معين ( توماس بين 1 ) وعشنا في مدن ( جون دوي 2 ) هكذا عدنا 0
الاب : الأيام المغولية علمتنا ان لا نثق باحد كائنا من كان 0
الابن : اعطونا الفرصة 00 وسترون مانعمل 0
الاب : لقد فعلتم الكثير 00 انكم جئتكم بالحرية محمولة على صهوة ( الصواريخ الذكية ) والديمقراطية هبطت علينا من طائرات ( الاباتـشي ) وضاع الكبرياء وتمزقت الكرامة في الوحل 00 الفرحـة الكبرى أنستكم كل شيء 00 معلوما00 ( من يرى الموت يرضى بالسخونه ) 0
الابن : ابتي , نحن , ( يقاطعه الأب (
الاب : انتهى 00 انتهى عصر الكابوس وبدأ عصر البعبع 0
الابن : لااستطيع ايصال أي شيء اليك وانت تعيش في دوامة القلق 0 انتهى زمن الخوف 00 انتهى 0
الاب : ( يبتعد عنه) هذا ما تراه انت 00 ولكن ماراه انا 00ازداد نبض القلب وارتجفت الاعضاء وخيم الخوف علًي , استعمر مشاعري واحاسيسي ( بحشرجة حزن ) ياولدي انا مستعمر 00 مستعمر
الابن : ( يرفع رأسه ) ابتاه اني لعاجز الان عن اقناعك 00 لدي مشاغل جمة واهمها 00 هو ان ننتقـــل الى المكان الجديد 00 قصر فخم 00 هلموا لنذهب الى هناك 0
الاب : اذهب انت وزوجك 00 اما انا وزوجتي سنبقى هنا 0
الابن : ارجوك 00 اتوسل اليك 00 كفاك معارضة 0
الاب : ( يقاطعه) اعتنقت دين المعارضة ولن أحيد عن ديني 00 قل لذوي الصنم ان يخرجوا من بلادي ولهم الف وردة حمراء 00 وان لم يخرجوا ستهدر الأرواح وتستباح الدماء 0
الابن : هذ كلام خطير على مستقبلي 00 ستحطمني 0
الأب : اخرج من بيتي 0
الابن : وأنت لايمكن آن تبقى هنا 00 أنني أخاف 00 أخاف عليك 0
الأب : أنا لا أستطيع الخروج 00 لأنني استحي 000 لأنني اخجل من نفسي 00 مــــاذا أقول للشوارع المعفرة بالدماء ؟ 00 ماذا أقول للشجر الراكع ؟ ماذا أقول للنهر العظيم ؟ الذي يرنوا نحوي بذل هذا كثير , هذا كثير علًي 00 لم اتحمل , لم اتحمل , 00 دعني وشأني 0
الام : ( تقترب من زوجها ) انني اتضامن معه 00 سأبقى هنا احرسه من الجلادين 0
الابن : ( بتوتر . الى زوجته ) هيا معي ) يلتفت الى ابيه ) ولكن سأتي في الغد وسيكون لنا حديث اخر , ( باي ) ( يخرجان (
الاب : وداعا 000 وداعا ايها الوطن الذبيح 0
الام : ( بكراهية غير معهودة ) أرأيت اللئيمة ؟ 00 كيف خرجت معه . وتركتنا ؟0
الاب : او لم تكن زوجته يا زوجتي الرائعة ؟
الام : انها اسعد حظا مني 000 ستعيش في قصر فخم 0
الاب : دعي عنك الحسد والامورالنسائية جانبا 00 ارجوك لا تشغليني بها 0
الام : طيب 000 أريد أن أن أتحدث معك بصراحة 000 لم تكنً البغض لرجال السياسة ؟
الاب : لانهم على مر العصور 000 يلعبون لعبا قذرة والشعوب دائما هي التي تدفع الثمن 0
الام : في كل العالم ؟
الاب : ( يقاطعها بتوتر عارم ) عن أي عالم تتحدثين انني لا احترم العالم الذي يمنحني الحريــــة وبسلب مني الكبرياء 00 ليذهب العالم الى الظلام ( يشعر بوهن ثم يمسك صدره بشدة ) أخاديد قلبي ( يحني قامته من الألم ويتكلم بصعوبة بالغة ) المملوءة بغبار الفرح العاصف 00 ( يأخــــذ النفس بصعوبة ) يتحول الى ملح أجاج ( يخطو بعض خطوات ثقيلة وبطيئة ) يشعـــــل الجراح بالألم 00 الألم 00 الألم ( يسحب الهواء بقوة ) انني 00 اشعر با 00 بالاختناق 00اريد 00 اريد هـ00 هـ 00 واء 00 ( يفقد التوازن والسيطرة على جسده( اشعر با 00 الظمــــــــأ 00 ( يجحظ عينيه ) اريد 00 (ويهمس ) إماء 000 ( يجمع قواه ثم يطلق صوته ) اريد ماء 0
الزوجة : ( تنتبه الى حالته) , تجفل ممـا أصابه 00 سأجلب الماء حالا ( تذهب نحو الوعاء وثم تدخل الى الغرفة ) 0
الأب : ) أثـناء دخولها الى الغرفة , يعاني من أزمة قلبية حادة , يرتمي على الأريكة يشعر بالاختناق تخرج وبيدها الطاسه ، تملاءها من الوعاء , ينهض إلى الأعلى ثم ينكب على وجهه بلا حراك تقترب منه , تقف مذعورة , مذهولة , ثم تجلس بالقرب من وسطه بتوجس وخوف , تقلب جسده و تنهض وهي مزورة العينين , متشنجة الوجه , تصرخ) لاأبكي 00 لانك لن تموت أبدًا 000 ( تسقط الطاسة من يدها يندلق الماء على الأرض(
اظـــــــــــــلام
انتهــــــت