فضائل الهدوء
فالإنسان المحب يكون هادئاً فى علاقته مع الناس 0 إنه لايثور عليهم ، لأنه يحبهم 0 أما الكراهية فإنها إن دخلت إلى قلب ، تكون كالبركان الثائر الذى لا يهدأ ، تريد أن تنتقم وأن تحطم 0 ولا تهدأ حتى تنفذ ما تريد ، و تحطم كل شئ 00
العالم يحتاج إلى الحب و الهدوء ، لكى يحل مشاكله :
يحلها بالتصالح ، وليس بالتصارع 0 ففى الهدوء ، و الهدوء ، يمكن أن يتلاقى الناس مهما إختلفت أفكارهم ، ليحلوا مشاكلهم فى هدوء الحوار المشبع بالحب 0
أما إن إختفى الهدوء ، فإن الحب يختفى معه ، إذ لا تبقى المحبة مع التشويش و الصخب و الضوضاء ، و الحدة فى ال ، والحدة فى التصرف 00
يمكنك أن تحب الإنسان الهادئ 0 هدوؤه يجذبك 0
مجرد ملامح وجهة الهادئة ، تجعلك تحبه 0 وطريقته الهادئة فى معالجة الأمور ، تجعلك أيضاً تحبه 0 وإن كنت متضايقاً منه لسبب ما ، فإن هدوءه يغلبك ، ويصرف ضيقك 00 لذلك حسناً قال الرب عن الودعاء : إنهم يرثون الأرض ( مت 5 : 5 ) الأرض هنا ، وفى السماء 00 يكسبون محبة الناس على الأرض بوداعتهم وهدوئهم ، كما يكسبون أرض الأحياء أيضاً ( مز 27 : 13 ) 0
فالإنسان الهادئ يكون دائماً مسالماً 0 والإنسان المسالم يكون أيضاً هادئاً 0 الهادئ " لا يخاصم و لا يصيح ، ولا يسمع أحد فى الشوارع ه " كما قيل عن السيد المسيح ( مت 12 : 19 ) 0 لذلك يعيش مع الناس فى سلام ، لأنه لا يتشاجر مع أحد ، ولا يرفع على أحد ، و لا يحل مشاكله مع الناس بالعنف ، وإنما بالهدوء 0
إن السلام قد يفقد بين عنيف وعنيف 0 ولكنه لا يفقد بين عنيف وهادئ ، لأن الهادئ يحتمل العنيف 0
وكما قيل إن النار لا تطفئها نار ، بل يطفئها الماء 00 وإن كان الهادئ يستطيع بهدوئه أن يسالم العنيف ، فمن باب أولى ، يمكن أن يوجد السلام بين اثنين هادئين
كذلك الهدوء هو مظهر من مظاهر السلام الداخلى ، وهو أيضاً سبب يؤدى إليه 0 فالذى يحتفظ بهدوئه ، يحتفظ بسلامة الداخلى 0
إذ أن الهدوء هو فروع الوداعة ، أو مظهر من مظاهرها ، حتى أن اسميهما قد يتبادلان المواقع 0 فحينما تتكلم عن الهادئ تتكلم عن الوديع 0 وحينما تتكلم عن الوديع تتكلم عن الهادئ 0 والإنسان الذى يفقد هدوءه ، لاشك يفقد وداعته 0 إذن حنيما نتكلم عن العلاقة بين الهدوء و الوداعة ، إنما نتكلم عن العلاقة بين الجزء و الكل 0
الإنسان الهادئ يمكنه بهدوئه أن يصل إلى العمق ، إن كانت له موهبة التأمل 00 ولكن لا يشترط أن يكون كل هادئ عميقاً 0 إنما الأصح أن نقول إن كل إنسان عميق يكون هادئاً 00 وهنا تعجبنى عبارة قالها أحد الأدباء الروحيين 0 ولعلنى كررتها عليكم أكثر من مرة وهى :
[ حينما رمى بى الله حصاة على بحيرة الحياة ، أحدثت فقاقيع على سطحها ، و دوائر لا حصر لها 0 ولكننى حينما وصلت إلى القاع ، صرت هادئاً ]
كذلك الأمواج تكون صاخبة على سطح البحر ، أما عمق البحر أو عمق المحيط ، فيكون هادئاً 00 وهكذا الإنسان فإنه فى فترة طياشته ، وفترة الحياة السطحية غير العميقة ، يريد أن يحدث فقاقيع على سطح الحياة ودوائر لا حصر لها 00 ولكنه حينما يصل إلى الناضجة ، وإلى الفكر العميق ، يصير هادئاً 00
الإنسان السطحى غير العميق لا يكون هادئاً ، بل يجول باحثاً عن ذاته ، أو محاولاً أن يحقق ذاته ، هنا وهناك !
بعض الأذكياء يكون الذكاء عندهم مجرد قدرات عقلية 0 ولا تكون نفوسهم و لا قلوبهم فى نفس مستوى عقولهم ، فلا يصلون إلى العمق بمعناه الكامل ، أقصد العمق فى الفكر وفى القلب وفى النفس وفى الروح 0
فليس كل ذكى عميقاً 0 ولكن العميق يكون ذكياً 0 الذكى بدون عمق ، قد يقع فى أخطاء تفقده هدوءه 0
ربما يفهم الذكى ما لا يفهمه غيره ، فيستصغر هذا الغير ، ويشبعه لوماً وانتهاراً ، إن كان يعمل معه أو تحت إمرته ، ويفقد الهدوء فى تعامله معه أو تحت إمرته ، ويفقد الهدوء فى تعامله معه 0 وربما لذكائه يكتشف كثيراً من أخطاء الناس ، فيثور عليهم ، أو يتضايق فى داخله من أخطائهم ، وهكذا يفقد هدوءه من الداخل ومن الخارج 0
إن الذكاء – مجرد الذكاء – له حروبه وله متاعبه ، إن لم يكن مصحوباً بالوداعة والاتضاع 00
وهكذا إن كان العقل ضخاباً ومتعالياً ، فقد هدوءه 0 وإن تكبر العقل واعتزبذاته ، فقد الهدوء و السلام فى علاقته مع الله ومع الناس 0 فعلى كل من يهبه الله ذكاء ، أن يصلى ليهبه الله وداعة وتواضع قلب ، حتى لا يقع الذكاء فى الغرور ، و الغرور يفقده الهدوء
قال القديس دورثيئوس : [ الإنسان المتواضع لا يغضب أحداً ، و لا يغضب من أحد ] 0 إنه لا يغضب أحداً ، لأنه يطلب بركة وصلاة كل أحد 0 وهو لا يغضب من أحد ، لأنه باستمرار يأتى بالملامة على نفسه فى كل شئ 0 ومن كان هذا شأنه ، يعيش فى هدوءه مع جميع الناس 0 فإن فقد إتضاعه ، يفقد هدوءه 0
كذلك المتواضع لا يفقد هدوءه بسبب الرغبات و السعى وراءها ، لأنه لا يرى نفسه مستحقاً لشئ ، و لا يحب أن يرتفع عن الوضع الذى هو فيه 00
الذى يحيا حياة حياة الإيمان ، يعيش فى هدوء مسلماً حياته بالكلية لله ، ويقبل كل شئ بإيمان من يديه الحانيتين ، فلا يضطرب لشئ ولا يتضايق ، بل يكون هادئاً باستمرار يقول مع داود النبى : " وإن قام على جيش ، ففى ذلك أنا مطمئن "
بالإيمان يقول : " كله للخير " 0 وإن حاقت به مشكلة ، يؤمن أن الله سيحلها ، لذلك يبقى قلبه هادئاً0 ، إن أتعبته الضيقات يقول : " مصيرها تنتهى " ، فبدأ قلبه 00
وبعكس ذلك من يبعد عن حياة الإيمان و التسليم ، تتعبه أفكاره ولا يهدأ أبداً 0 وإن ألمت به المشاكل ترهقه إرهاقاً ، لأنه لا يضع أمامه معونة تأتى من فوق 0
ومن الناحية الأخرى فإن الذين لا يحيون حياة الإيمان ، يحاولون أن يكونوا سبباً لتعكير هدوء غيرهم ، بما يجلبونه عليهم من إيذاء وإضرار 0
ما أجمل قول القديس أوغسطينوس فى كتاب إعترافاته ، مخاطباً الرب بهذه العبارة الجميلة العميقة : [ سيظل قلبى مضطرباً ، إلى أن يجد راحته فيك ] 0
ذلك لأن هدوء القلب ليس مصدره العالم وشهواته ورغباته ، إنما مصدره الله وحده 0 فكل من يعيش بعيداً عن الله ، لا يمكن أن يحيا فى هدوء ، ويظل قلبه مضطرباً تعصف به الأهواء ، إلى أن يعرف الله ويذوق حلاوة العشرة معه 0 وحينئذ فقط يجد الهدوء و السلام ، كمسافر فى بحر مضطرب وصل إلى ميناء الأمان
فالإنسان المحب يكون هادئاً فى علاقته مع الناس 0 إنه لايثور عليهم ، لأنه يحبهم 0 أما الكراهية فإنها إن دخلت إلى قلب ، تكون كالبركان الثائر الذى لا يهدأ ، تريد أن تنتقم وأن تحطم 0 ولا تهدأ حتى تنفذ ما تريد ، و تحطم كل شئ 00
العالم يحتاج إلى الحب و الهدوء ، لكى يحل مشاكله :
يحلها بالتصالح ، وليس بالتصارع 0 ففى الهدوء ، و الهدوء ، يمكن أن يتلاقى الناس مهما إختلفت أفكارهم ، ليحلوا مشاكلهم فى هدوء الحوار المشبع بالحب 0
أما إن إختفى الهدوء ، فإن الحب يختفى معه ، إذ لا تبقى المحبة مع التشويش و الصخب و الضوضاء ، و الحدة فى ال ، والحدة فى التصرف 00
يمكنك أن تحب الإنسان الهادئ 0 هدوؤه يجذبك 0
مجرد ملامح وجهة الهادئة ، تجعلك تحبه 0 وطريقته الهادئة فى معالجة الأمور ، تجعلك أيضاً تحبه 0 وإن كنت متضايقاً منه لسبب ما ، فإن هدوءه يغلبك ، ويصرف ضيقك 00 لذلك حسناً قال الرب عن الودعاء : إنهم يرثون الأرض ( مت 5 : 5 ) الأرض هنا ، وفى السماء 00 يكسبون محبة الناس على الأرض بوداعتهم وهدوئهم ، كما يكسبون أرض الأحياء أيضاً ( مز 27 : 13 ) 0
فالإنسان الهادئ يكون دائماً مسالماً 0 والإنسان المسالم يكون أيضاً هادئاً 0 الهادئ " لا يخاصم و لا يصيح ، ولا يسمع أحد فى الشوارع ه " كما قيل عن السيد المسيح ( مت 12 : 19 ) 0 لذلك يعيش مع الناس فى سلام ، لأنه لا يتشاجر مع أحد ، ولا يرفع على أحد ، و لا يحل مشاكله مع الناس بالعنف ، وإنما بالهدوء 0
إن السلام قد يفقد بين عنيف وعنيف 0 ولكنه لا يفقد بين عنيف وهادئ ، لأن الهادئ يحتمل العنيف 0
وكما قيل إن النار لا تطفئها نار ، بل يطفئها الماء 00 وإن كان الهادئ يستطيع بهدوئه أن يسالم العنيف ، فمن باب أولى ، يمكن أن يوجد السلام بين اثنين هادئين
كذلك الهدوء هو مظهر من مظاهر السلام الداخلى ، وهو أيضاً سبب يؤدى إليه 0 فالذى يحتفظ بهدوئه ، يحتفظ بسلامة الداخلى 0
إذ أن الهدوء هو فروع الوداعة ، أو مظهر من مظاهرها ، حتى أن اسميهما قد يتبادلان المواقع 0 فحينما تتكلم عن الهادئ تتكلم عن الوديع 0 وحينما تتكلم عن الوديع تتكلم عن الهادئ 0 والإنسان الذى يفقد هدوءه ، لاشك يفقد وداعته 0 إذن حنيما نتكلم عن العلاقة بين الهدوء و الوداعة ، إنما نتكلم عن العلاقة بين الجزء و الكل 0
الإنسان الهادئ يمكنه بهدوئه أن يصل إلى العمق ، إن كانت له موهبة التأمل 00 ولكن لا يشترط أن يكون كل هادئ عميقاً 0 إنما الأصح أن نقول إن كل إنسان عميق يكون هادئاً 00 وهنا تعجبنى عبارة قالها أحد الأدباء الروحيين 0 ولعلنى كررتها عليكم أكثر من مرة وهى :
[ حينما رمى بى الله حصاة على بحيرة الحياة ، أحدثت فقاقيع على سطحها ، و دوائر لا حصر لها 0 ولكننى حينما وصلت إلى القاع ، صرت هادئاً ]
كذلك الأمواج تكون صاخبة على سطح البحر ، أما عمق البحر أو عمق المحيط ، فيكون هادئاً 00 وهكذا الإنسان فإنه فى فترة طياشته ، وفترة الحياة السطحية غير العميقة ، يريد أن يحدث فقاقيع على سطح الحياة ودوائر لا حصر لها 00 ولكنه حينما يصل إلى الناضجة ، وإلى الفكر العميق ، يصير هادئاً 00
الإنسان السطحى غير العميق لا يكون هادئاً ، بل يجول باحثاً عن ذاته ، أو محاولاً أن يحقق ذاته ، هنا وهناك !
بعض الأذكياء يكون الذكاء عندهم مجرد قدرات عقلية 0 ولا تكون نفوسهم و لا قلوبهم فى نفس مستوى عقولهم ، فلا يصلون إلى العمق بمعناه الكامل ، أقصد العمق فى الفكر وفى القلب وفى النفس وفى الروح 0
فليس كل ذكى عميقاً 0 ولكن العميق يكون ذكياً 0 الذكى بدون عمق ، قد يقع فى أخطاء تفقده هدوءه 0
ربما يفهم الذكى ما لا يفهمه غيره ، فيستصغر هذا الغير ، ويشبعه لوماً وانتهاراً ، إن كان يعمل معه أو تحت إمرته ، ويفقد الهدوء فى تعامله معه أو تحت إمرته ، ويفقد الهدوء فى تعامله معه 0 وربما لذكائه يكتشف كثيراً من أخطاء الناس ، فيثور عليهم ، أو يتضايق فى داخله من أخطائهم ، وهكذا يفقد هدوءه من الداخل ومن الخارج 0
إن الذكاء – مجرد الذكاء – له حروبه وله متاعبه ، إن لم يكن مصحوباً بالوداعة والاتضاع 00
وهكذا إن كان العقل ضخاباً ومتعالياً ، فقد هدوءه 0 وإن تكبر العقل واعتزبذاته ، فقد الهدوء و السلام فى علاقته مع الله ومع الناس 0 فعلى كل من يهبه الله ذكاء ، أن يصلى ليهبه الله وداعة وتواضع قلب ، حتى لا يقع الذكاء فى الغرور ، و الغرور يفقده الهدوء
قال القديس دورثيئوس : [ الإنسان المتواضع لا يغضب أحداً ، و لا يغضب من أحد ] 0 إنه لا يغضب أحداً ، لأنه يطلب بركة وصلاة كل أحد 0 وهو لا يغضب من أحد ، لأنه باستمرار يأتى بالملامة على نفسه فى كل شئ 0 ومن كان هذا شأنه ، يعيش فى هدوءه مع جميع الناس 0 فإن فقد إتضاعه ، يفقد هدوءه 0
كذلك المتواضع لا يفقد هدوءه بسبب الرغبات و السعى وراءها ، لأنه لا يرى نفسه مستحقاً لشئ ، و لا يحب أن يرتفع عن الوضع الذى هو فيه 00
الذى يحيا حياة حياة الإيمان ، يعيش فى هدوء مسلماً حياته بالكلية لله ، ويقبل كل شئ بإيمان من يديه الحانيتين ، فلا يضطرب لشئ ولا يتضايق ، بل يكون هادئاً باستمرار يقول مع داود النبى : " وإن قام على جيش ، ففى ذلك أنا مطمئن "
بالإيمان يقول : " كله للخير " 0 وإن حاقت به مشكلة ، يؤمن أن الله سيحلها ، لذلك يبقى قلبه هادئاً0 ، إن أتعبته الضيقات يقول : " مصيرها تنتهى " ، فبدأ قلبه 00
وبعكس ذلك من يبعد عن حياة الإيمان و التسليم ، تتعبه أفكاره ولا يهدأ أبداً 0 وإن ألمت به المشاكل ترهقه إرهاقاً ، لأنه لا يضع أمامه معونة تأتى من فوق 0
ومن الناحية الأخرى فإن الذين لا يحيون حياة الإيمان ، يحاولون أن يكونوا سبباً لتعكير هدوء غيرهم ، بما يجلبونه عليهم من إيذاء وإضرار 0
ما أجمل قول القديس أوغسطينوس فى كتاب إعترافاته ، مخاطباً الرب بهذه العبارة الجميلة العميقة : [ سيظل قلبى مضطرباً ، إلى أن يجد راحته فيك ] 0
ذلك لأن هدوء القلب ليس مصدره العالم وشهواته ورغباته ، إنما مصدره الله وحده 0 فكل من يعيش بعيداً عن الله ، لا يمكن أن يحيا فى هدوء ، ويظل قلبه مضطرباً تعصف به الأهواء ، إلى أن يعرف الله ويذوق حلاوة العشرة معه 0 وحينئذ فقط يجد الهدوء و السلام ، كمسافر فى بحر مضطرب وصل إلى ميناء الأمان